رسالة إلى غانم



غانم غباش 
إليك… 
إلى إنسان يبقى في قلوبنا إلى الأبد… شكراً لك 
لا أعرف عدد “شكراً” التي قلتها لك، ولا أعرف إلى متى سأظل أقولها، وأنا سعيدة بها، وأود أن أقولها إلى الأبد ودائماً، فمعها دائماً أحصل على شيء جديد. ففي 29/11/2004 قرر د. محمد المطوع، أستاذ الاجتماع بجامعة الإمارات العربية المتحدة منحي كتابين جُمِعتْ فيهما مقالاتكَ بعد أن عرف أنني أعرفكَ. لكنني رأيت علامات الحيرة عليه، فوجدتني أضحك عندما قال: مستحيل أن تكوني تعرفين غانم غباش. عذراً د. محمد المطوع، ربما لا أحد يعرف غانم غباش مثلما أعرفه.  
لطالما قلت أنها علاقة غريبة التي تربطني بكَ يا معلمي، ولقد أثبتت هذه العلاقة أن الزمان والمكان ليسا شرطاً لنعرف إنسان بشكل جيد ونحبه ونحترمه ونقدر له أعماله، وبعد ذلك نتواصل معه دون ما يسمى بـ”المكان والزمان”. كانت الأربع مقالات كافيةً لأن أعرفكَ جيداً، وهذا ما جعلني أصبح تلميذتك التي ستظل تراجع دروسها ما بقيت حية. 
معلمي غانم غباش: أنا تلميذة مشاغبة وعنيدة، كثيراً ما أنسى الكتابة بأصول الكتابة، فتارة قلمي ينزل من على السطر، ويعاود الارتفاع مرة أخرى، ويرتجف مرة ثالثة. فمنذ أصبحتُ تلميذتكَ كنتَ المعلم الوحيد الذي قعدتُ في محاضرته واستمعتُ إليه دون أن أتململ على مقعدي. ما عرفتُ معلماً مثلك.  
معلمي: أريد أن أخبرك شيئاً سيسعدك: سنة ثلاثة وثمانين هي سنة ولادتي، وهاأنا أولد مرة أخرى في العدد 283 من الأزمنة العربية، فشكراً لك. 
معلمي: أعلم أنني أكمل الدرس وسأنجز الواجب، فانتظر رسائلي دائماً، فمع كل سرب حمام يتجه إلى السماء أبعث معه برسالة أشكرك فيها وأخبرك فيها بأخباري، ومع كل موجة تراجعت إلى الأفق حملتها مشاعر شوق لرؤيتك، وكلما رأيت صورتك الوحيدة بتلك الابتسامة الساحرة كتبت عليها تاريخ درس الوطن، أتذكره يا معلمي، فقد كنت خير من علمني إياه، وأنا لن أنساه، فأقلب صفحاته كل يوم وأحفظه مرة أخرى. 
وفي ذلك اليوم الذي ضحكتُ فيه كثيراً على كلمة “الدغلباز” فعاقبتَني بأن أتعلم من قاموس التراث 100 كلمة وكلمة. وجدتي لم تقصر معي، فأكملت بقصائد وقصص التراث. “الدغلباز” مازالت تضحكني وتذكرني بمزاحك وقلبك الرائع. أتعلم؟ أحاول أن أتعلم ذلك، لكن من مثلك في ذلك القلب الذي أحب الوطن والإنسان فأحبه الوطن والإنسان؟. 
معلمي: أتذكر درس الإرادة، لقد كان درساً طويلاً، بحيث تعلمته بمفرداته، ولطالما كانت المفردات صعبٌ عليّ حفظها وتعلمها، ولكنكَ علمتني إياها بحيث لا أنساها. وما زلت أتذكر درس العجز، عندما قلت لي: اصنعي منه لعبة يتحول إلى إبداع!. 
وهناك الكثير الكثير من الدروس التي أحفظها بعناوينها وتواريخها وأرقام صفحاتها. فيالك من معلم! تجعلنا نحب الدرس بحيث نحفظ كل ما فيه، فحولتَ الأرقام إلى معنى. أتذكر عندما بكيتُ وقلتُ لكَ بأنني غبية في الحساب والأرقام. قلت: اجعليها كلعبة كرة القدم! قلت لك: لا أحب كرة القدم. قلت: هانحن اختلفنا، لكن لا بأس، يكفي أننا بشر نحمل نفس الوجوه، فلما لا نختلف فيما نحب ونكره؟ كان كل كلامك يحمل معنى. 
معلمي: أتذكر عندما قلتَ لي: لا تتركي القتال على ساحة المعركة! ودافعي عما ترينه صواباً حتى لو وصل الجرح إلى الوريد! فمقاتل ينزف حتى الموت أفضل من جبان خلف الكتمان والخوف. 
معلمي: أقسم لك بأني أسعى جاهدة بأن أكون تلميذة تليق بمعلمٍ مثلك. إنني أنتظر أن أراكَ مرة أخرى لأتعلم دروساً جديدةً. كالعادة لا يعلمني الجديد إلا أنتَ، ولا يطلعني على الحقيقة إلا أنتَ. 
آه يا معلمي، لو أحصي الدروس لما انتهت الرسالة، ولكني ما عدتُ أستطيع أن أطيل فيها، فلستُ أراها واضحة، فشكراً لك على ما أعطيتَ وعلمتَ. 
إلى اللقاء 
مريم الحساني